العمارة الخضراء في مجابهة التغيرات المناخية وتعزيز حق الانسان في التمتع ببيئة نظيفة

يواجه العالم خطرا داهما في القرن الواحد والعشرين، يتمثل في معدل تسارع التغيرات المناخية التي ستنعكس بالسلب على العمران والعمارة، وكواحدة من بلدان العالم التي تواجه هذا الخطر فإن مصر تحاول العمل على إيجاد حلول وبدائل لمجابهة أثر انعكاسات التغيرات المناخية، وقد عانت مصر في السابق من هذه الانعكاسات، والتي تمثلت في تآكل شواطئ بعض المدن مثل الإسكندرية ورشيد، جراء ارتفاع منسوب سطح البحر ملليمترات، وتتنبأ الدراسات الاكاديمية وتقارير الأمم المتحدة بداية من عام 2050 ارتفاعا كبيرا في مستوي سطح البحر قد يبدأ بنصف متر وقد يصل في أسوأ الحالات الى ثلاثة أمتار.

تتمثل التغيرات المناخية في زيادة الانبعاثات في الغلاف الجوي، خاصة انبعاثات غازات الدفيئة، وهي الغازات التي ينبعث منها وتمتص الاشعة تحت الحمراء، وتتكون غازات الدفيئة من ثاني أكسيد الكربون، وبخار الماء، وأكسيد النيتروز، والأوزون، وغاز الميثان، وغازات أخرى من صنع الانسان وهي الهيدروكربونات الفلورية، والأثير المحتوية على الكلور والبروم سداسي فلوريد الكبريت، ومركبات الهالوكربونات، تتأثر عملية انبعاثات الغازات في مصر بعدة قطاعات رئيسية يأتي على رأسها قطاع الطاقة الذي مثل 64.5% من حجم الانبعاثات في مصر عام 2015، وثانيا قطاع الزراعية والغابات الذي مثل 14.9%، ثم قطاع العمليات الصناعية واستخدام المنتجات الذي مثل 12.5%، ثم قطاع المخلفات الذي مثل 8.1% من اجمالي الانبعاثات عام 2015   حسب ما ذكره التقرير المحدث كل سنتين الأول لجمهورية مصر العربية المقدم الى اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية لتغير المناخ، وزارة البيئة، 2018.

اذن فمجابهة آثار التغيرات المناخية لا بد أن تضع في حساباتها تقليل استخدام المواد التي تسبب الانبعاثات المشار اليها في كل من القطاعات المختلفة، بدءا بقطاع الطاقة الذي يمثل أعلى نسبة انبعاثات من غاز ثاني أكسيد الكربون المكون الأساسي لغازات الدفيئة المسببة لعملية الاحتباس الحراري، لذلك تطرح مبادرة مناخ للدراسات البيئية هذه الورقة البحثية بعنوان “العمارة الخضراء ومجابهة التغيرات المناخية” للبحث في أحد الحلول والبدائل لتقليل استخدام الطاقة في المباني.

هدفت هذه الورقة الى تعزيز وتفعيل العمارة الخضراء كأحد بدائل مواجهة التغيرات المناخية والتخفيف من آثارها السلبية، لتعزيز حق الانسان في التمتع ببيئة نظيفة خالية من الملوثات، لذا كان التعريف بالعمارة الخضراء والتي تعتبر أحد الحلول الهامة للتغيرات المناخية، وكذلك التعريف بمبادئها وأسسها، كونها حلا متاحا لخلق عمارة صديقة للبيئة وغير مستهلكة للطاقة، كذلك هدفت الورقة الى نشر الوعي البيئي، ومعرفة وتعريف الفرد بحقه في بيئة نظيفة، ثم تقييم وضع العمارة المستدامة في مصر والوقوف على المميزات والمعوقات، والأضرار الناتجة عن التغير المناخي داخل المباني القائمة.

تناولت الورقة كيفية المحافظة على الطاقة وتقليل استخدامها، عن طريق الاعتماد على الطاقة الشمسية، والطاقة الحرارية الناتجة من حرارة باطن الأرض، والطاقة الحيوية، وكذلك طاقة المياه، وتحقيق الكفاءة في استخدام مصادر الطاقة في التبريد أو التدفئة أو الإضاءة وغيرها من الاستخدامات، وذلك من خلال استعمال حلول تصميمية تحقق راحة الإنسان الحرارية بأسلوب طبيعي مع استخدام أقل قدر من الطاقة. بالإضافة إلى توظيف مصادر الطاقة المتجددة للحصول على الطاقة الكهربائية النظيفة اللازمة لتحسين البيئة المحلية والداخلية، وتناولت كيفية التكيف مع التغيرات المناخية، والتقليل من استخدام الموارد قدر الإمكان، واحترام الموقع، ومراعاة كل من العاملين والمستعملين للمباني.

تناولت الورقة أساليب وأنظمة تقييم الأبنية الخضراء وأهداف التقييم والعوامل التي يقوم التقييم عليها، وتناولت عدد من أنظمة التقييم العالمية، ثم تناولت نظام تقييم الهرم الأخضر المصري الذي تم وضعه عام 2010، كذلك أشارت الورقة الى تصنيف هيئات ومنظمات الأبنية الخضراء حسب عضويتها في المجلس العالمي للأبنية الخضراء، ثم وصلت الى تقييم الاستدامة والعمارة الخضراء في مصر، وكيف يتم تطبيق مفهوم الاستدامة في مصر، وذكر بعض الأمثلة للمباني المستدامة والخضراء في مصر مثل الجامعة الأمريكية و المقر الإقليمي لبنك HSBC في الشرق الأوسط والعاصمة الإدارية الجديدة، ثم أشارت الورقة الى متلازمة المباني المريضة المنتشرة في مصر وتعريفها ومواصفاتها وكيفية التعامل معها. أخيرا خرجت الورقة بأربعة عشر نتيجة للعملية البحثية، نتج عنها عشرة توصيات متضمنة استراتيجية خاصة للتوسع في إقامة المجتمعات العمرانية المستدامة والمباني الخضراء ومعالجة المباني المريضة.

للإطلاع علي التقرير:

أخر المستجدات

تابعونا

ابق على اطلاع بأخر المستجدات في المجال البيئي

شارك هذا التقرير

أخر المستجدات